أخبار وطنية قانون الارهاب: حمـاة الإرهـاب يــتـسـتــرون بحقوق الإنسان ويخرّبون البلاد
بعد الضربات الإرهابية الموجعة التي تلقتها تونس منذ سنة 2011، وآخرها حادثة سوسة التي أسفرت عن مقتل 40 سائحا، أعلن رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر اثر اجتماع مكتب المجلس ورؤساء الكتل بمجلس نواب الشعب، أنه تم الاتفاق على الانتهاء من المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال قبل عيد الجمهورية أي قبل 25 جويلية القادم.
وحول أشكال المراوحة بين احترام حقوق الإنسان وضرب كل ما يمتّ للإرهاب بصلة بقبضة حديدية، كان لنا الحديث التالي مع ثلة من الخبراء الأمنيين والحقوقيين...
علي الزرمديني: الوطن لا يباع بفصل من الفصول أو بمفهوم من المفاهيم «الشعبوية»...
في البداية أعرب العقيد السابق في الحرس الوطني علي الزرمديني عن أنّ تونس اليوم تواجه خطرا حقيقيا يحطم الحياة البشرية والبيئة وكيانات الدولة كما يحطم الحكومات ويقلب الأوضاع عن طريق القوة والعنف والقضاء على الإنسانية، قائلا إنّ كل هذه الآفات التي يولدها خطر الإرهاب لا يمكن بتاتا أن تواجه عن طريق مراعاة ظروف التخفيف للإرهابيين بل بالتشدد الأمني والقانوني الذي يكفل وحده التوقي والتصدي لظاهرة الإرهاب..
وفي معرض حديثه تساءل محدثنا عن الأسباب الدافعة إلى تشريع وإصدار قانون جديد في حين أننا نمتلك قانونا شاملا لمكافحة الإرهاب عدد 75 وقد صدر منذ سنة 2003 مشكلته الوحيدة التي افتعلت له أن المعارضة السابقة اعتبرت أنه قانون نظامي ابتدع ليردع المعارضة والحال أنه قانون دولي أممي جاء للتصدي للإرهاب والعوامل التي تتفاعل مع هذه الظاهرة الخطيرة وفق تعبيره..
واستطرد الزرمديني ليستنكر تعطيل قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003 بطرق غير قانونية قائلا إنه تعطيل غير بريء لخدمة بعض المصالح رغم أنه تم اللجوء إليه بعد تأزم الأوضاع لكن باعتماد جزء منه وليس كله وهو ما يندرج في إطار المغالطة وفق تصريحه.
من ناحية أخرى، جدد العقيد السابق تأكيده أنّ المشكل الحقيقي الذي نشهده اليوم على المستوى الأمني هو في ما يخص جانب تطبيق وتفعيل هذه القوانين مناديا بضرورة إعادة العمل بالقانون «القديم» وتدعيم الجانب الجزري. أما في ما يخص مراعاة مبدأ حقوق الإنسان في قانون مكافحة الإرهاب، فصرّح الزرمديني أنّه ليس مناهضا له لكن كل شخص لا يحترم الذات البشرية وحرية الطرف المقابل ويسعى لانتهاكهما بأبشع الوسائل المتاحة له لا يستحق أن يمنح هذا المبدأ ويعامل به وهو الذي يفقده ولا يمنحه..
وأكد الخبير الأمني في مداخلته انّ أغلب الدول الديمقراطية العريقة على غرار الولايات المتحدة وفرنسا صاغت قوانين إرهاب متشددة على قياس العمليات الإرهابية التي تحدث من قبل منفذيها قائلا إنّ تونس ليست أقوى من هذه الديمقراطيات حتى لا تصيغ قانونا على هذه الشاكلة..
وأضاف أن هؤلاء الأشخاص المتعطشين للدماء (ويقصد الإرهابيين) الذين يسعون لتحطيم كيان دولة بأكمله ويتعاملون بمنطق «النازية» ويتخاطبون بلغة الدم والدمار لا يمكن أن نتعامل معهم إلا عن طريق الشدة والحزم لا عن طريق «الشعبوية» خاصة ونحن اليوم نتحدث عن مصلحة البلاد ومصيرها..
وختم علي الزرمديني مداخلته قائلا إنّ وطننا لن يباع بفصل من الفصول أو بمفهوم من المفاهيم التي يروج لها البعض بل هو أغلى وأسمى من كل الاعتبارات والأشخاص دون استثناء واليوم يجب أن نقف له وننقذه من بوابة جحيم تترصد به..
مختار اليحياوي: لماذا ننتظر حدوث عملية إرهابية حتى نقرر المصادقة على القانون ؟»..
أما القاضي والناشط الحقوقي مختار اليحياوي فقد اعتبر أنه بان بالكاشف إثر حادثة سوسة الإرهابية السعي لتمرير قانون مكافحة الإرهاب على المقاس دون اللجوء إلى مناقشته في ظروف طبيعية وأخذ الوقت الكافي لذلك بغاية التأثير على النواب واستغلال الوضع العام دون تبيّن المستقبل ورؤيته بنظرة استشرافية بعيدة وفق تعبيره.
وأضاف محدثنا أن القوانين لا يمكن أن تكون لها قيمة إذا لم تنسجم مع المجتمع التونسي ومصالحه، قائلا إن الظروف اليوم تستدعي مناقشة الانهيار الخطير الذي أصاب المنظومة الأمنية والأخطاء التي ارتكبت في ما يخص هذا الجانب منذ عملية باردو الإرهابية وصولا إلى حادثة سوسة الأخيرة..
كما اعتبر مختار اليحياوي أنّ الأحداث الإرهابية الأخيرة التي دلت على العجز الأمني الفادح جعلتنا «مسخرة» أمام كل دول العالم وبان جهرا أن مكافحة الإرهاب ومحاربته مجرد شعارات زائفة لا غير، وأضاف « لو حدثت عملية سوسة في دول ديمقراطية لما انتظر رئيس الحكومة الساعة الواحدة ليلا ليعلن عن جملة من القرارات عديمة الجدوى في أغلبها بل لكان قدم استقالته وتم حل الحكومة وتشكيل أخرى تكون قادرة فعليا على مجابهة الإرهاب والقضاء عليه.
وتساءل القاضي قائلا «لماذا ننتظر حدوث عملية إرهابية حتى نقرر المصادقة على قانون لمكافحة الإرهاب؟»..
مختار بن نصر: على الأطراف التي تنادي بشعارات الدفاع عن حقوق الإنسان ألا تنسى حق المواطن والأمني في حياة آمنة
بدوره أكد العميد المتقاعد من الجيش الوطني مختار بن نصر أنّ المشكل يتلخّص اليوم في عدم التقدير الكافي لإصدار قانون مكافحة الإرهاب ونحن نعيش على وطئ أحداث إرهابية متكررة، مشيرا إلى أنّ تونس إذا لم تسرع في إصدار هذا القانون في الوقت الذي تم الإعلان عنه وهو 25 جويلية سوف يتم اعتبارها ضمن لائحة الدول الغير منخرطة في مقاومة الإرهاب ومناهضته..
وفي سياق حديثه شدد العميد بن نصر على أن قانون مكافحة الإرهاب عدد 75 لسنة 2003 ليس قانونا يخص المخلوع بن علي ولم يقم بإصداره بل هو ثمرة عمل وجهد خبراء أمنيين وعسكريين ومختصين لهم نظرة شاملة وواسعة في هذا المجال. وقال «على الأطراف التي تصدح حناجرها اليوم بشعارات الدفاع عن حقوق الإنسان أن لا تنسى حق المواطن في عيش حياة آمنة وهادئة وحق الأمني في الدفاع عن وطنه ونفسه»..
وذكر بن نصر أنه من واجبات المواطن والدولة العمل على مقاومة هذه الظاهرة والتصدي لها بكل الطرق المتاحة، معربا عن تمنيه في أن يصدر هذا القانون حتى يعلم كل طرف ما له وما عليه..
بدرة قعلول: يجب إقرار عقوبة الإعدام في قانون مكافحة الإرهاب
أكدت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية بدرة قعلول، أنه قبيل المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب، سنشهد عديد الأفلام الدرامية في مجلس نواب الشعب والعديد من المزايدات والاتهامات بين الأطراف السياسية، ممّا قد يجعل قانون الإرهاب رخوا وحمّالا لعديد الثغرات.
وشدّدت قعلول على وجوب تنفيذ حكم الإعدام على كل من تثبت صلته بتنظيمات إرهابية. وأشارت بدرة قعلول إلى أنّ الأحزاب التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان كلّما طفا الحديث عن قانون مكافحة الإرهاب، تماطل لمصالحها الخاصة وليست ضد الإرهاب.
كما نادت بتعجيل تمرير القانون لكي يقف الإرهاب عند حدّه، حتى لا نصل إلى نقطة لا يمكننا العودة منها.
بسمة الخلفاوي: الغاية من سن قانون الإرهاب هو حماية حقوق الإنسان
أكدت المحامية والناشطة الحقوقية بسمة الخلفاوي، أنها من ناحية مبدئية ضد إقرار حكم الإعدام في قانون مكافحة الإرهاب. واعتبرت الخلفاوي أن معادلة بين حماية حقوق الإنسان وردع الإرهاب في هذا القانون ليست بالعسيرة كما يظن البعض، إنما تستوجب متابعة علمية للإرهابيين تستند على قرائن قوية ومن تثبت عليه التهمة، يجب أن تسلّط عليه أقصى العقوبات.
وفي سياق متّصل، شددت الخلفاوي على وجوب تخصيص سجون خاصة بالمنتمين للفكر الإرهابي، ثم تتم رسكلتهم وإقناعهم تدريجيا بالأفكار التنويرية. واتّهمت الخلفاوي حركة النهضة بالعمل على تعطيل تمرير قانون الإرهاب و«تعويمه» وفق تعبيرها وخلق المشاكل الجانبية لتعطيل تمريره.
منارة تليجاني ونضال الصيد